وجد باحثو جامعة بريستول البريطانية University of Bristol أنماطًا حول ما نقوله وما نكتبه على تويتر في أي وقت من اليوم وعلاقته بإيقاع حياتنا اليومية، وذلك وفقًا لدراسة جديدة أجريت على 800 مليون تغريدة مكونة من سبع مليارات كلمة تم تغريدها من خلال أكبر 54 مدينة من مدن المملكة المتحدة على مدار أربع سنوات في الفترة ما بين شهر يناير/كانون الثاني 2010 وشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وذلك لتحديد الأنماط في طريقة تفكيرنا وشعورنا على مدار اليوم.
وحصلت الدراسة المسماة “الاختلافات اليومية للمؤشرات النفسية في محتوى تويتر”، على التغريدات من خلال واجهة برمجية تطبيقات البحث على تويتر، وعمد الباحثون إلى إخفاء هوية البيانات، واستخدموا 73 مؤشرًا نفسيًا لاستنباط الحالة المزاجية والعاطفة وراء التغريدات، حيث وجدت الدراسة أدلة قوية على أن لغتنا تتغير بشكل كبير بين الليل والنهار، وأن التحولات تحدث أيضًا في بعض الأحيان تبعًا لارتباطها بالتغيرات الكبرى في النشاط العصبي والمستويات الهرمونية.
وقال البروفيسور نيلو كريستيانيني Nello Cristianini، أستاذ الذكاء الاصطناعي والقائد لمشروع الدراسة، في بيان صحفي: “إن تحليل محتوى الوسائط، عند القيام به بشكل صحيح، يمكن أن يكشف عن معلومات مفيدة لكل من العلوم الاجتماعية والبيولوجية، وما زلنا نحاول تعلم كيفية تحقيق أقصى استفادة منها”، وأضاف أنه لا يريد معرفة ما يناقشه الأفراد على وجه التحديد، ولكنه يريد معرفة ما إذا كان بإمكانه قياس الاتجاهات في الحالات النفسية من خلال سلسلة زمنية نصية ضخمة من التغريدات، مما يجعله قادرًا على معرفة كيفية تنوع تعابير المجتمع على مدار اليوم.
وأظهرت النتائج أن طريقة تفكيرنا تتغير في أوقات مختلفة من اليوم وأنها تتبع نمط 24 ساعة، إذ غالبًا ما تستند التغريدات في وقت مبكر من صباح اليوم إلى طريقة منطقية في التفكير، في حين يميل الأشخاص في الأمسيات والليالي إلى الاعتماد على العاطفة.
وتقترن إيقاعاتنا البيولوجية، وهي أجهزة ضبط الوقت البيولوجية لأشياء مثل ضغط الدم ومستويات الهرمون والتمثيل الغذائي، بحالاتنا العقلية، حيث تقترن اضطرابات الإيقاعات اليومية بشدة بالظروف النفسية التي تتراوح من الاكتئاب الشديد إلى الاضطراب العاطفي الموسمي، وفي حال كان من الممكن استنتاج أفكار ومشاعر الناس من ما يقولونه أو يفعلونه، فربما يمكنك اكتشاف حالاتهم الداخلية من خلال دراسة كيفية تغير تعبيراتهم.
وتساعد الشبكات الإجتماعية العامة، مثل تويتر على وجه الخصوص، في جعل هذا النوع من المراقبة ممكنًا على نطاق واسع، حيث أنها تسمح لك بجمع الكثير من العينات دون الاعتماد على التقارير الذاتية، وقام باحثون من جامعات Northeastern وهارفارد Harvard في عام 2010 بتحليل 300 مليون تغريدة من جميع أنحاء الولايات المتحدة لمعرفة كيف يتذبذب المزاج الأمريكي على أساس يومي وأسبوعي.
وحلل سكوت غولدر Scott Golder عالم الاجتماع ومايكل مايسي Michael Macy من جامعة كورنيل Cornell التغريدات الخاصة بأكثر من مليوني شخص من 84 دولة حول العالم في عام 2011، كما قاما بتتبع لغة مستخدمي تويتر الفرديين، حتى يتمكنوا من التمييز بين تغيرات المزاج الفردية، مما ساعدهم بشكل علمي على تشكيل أول صورة على مستوى العالم لكيفية تقلب المزاج بين الثقافات على أساس يومي وأسبوعي وموسمي.
واستطاع فريق كريستيانيني أخذ نهج التنقيب عبر تويتر إلى اتجاهات جديدة من خلال مراقبة التغييرات في المزاج وفي أساليب التفكير، ويقول كريستيانيني: “المزاج جزء صغير فقط، ويتعلق هذا الأمر بالعمليات المعرفية، بما في ذلك الاهتمامات والمصالح”.
وقام الفريق من أجل الوصول إلى هذه النتيجة بمقارنة التغريدات المجموعة ضد الاستقصاء اللغوي وعدد الكلمات، وهو تطبيق تحليل نصوص يربط بين قوائم الكلمات والكلام مع جوانب محددة من علم النفس البشري، بما في ذلك متغيرات مختلفة مثل اليقين والتغير والقلق والغضب والاهتمامات الاجتماعية مثل العائلة والأصدقاء والتوجه الزمني مثل الماضي أو التركيز في المستقبل.
وتمكنت نتائج الدراسة من توضيح الاختلافات في المزاج وأنماط التفكير، حيث ظهر التفكير التحليلي، والذي يرتبط بالاستخدام المتكرر للأسماء والمقالات وحروف الجر، في ذروته خلال وقت مبكر من اليوم بدءًا من الساعة السادسة صباحًا، إلى جانب الاهتمام المتزايد بأشياء مثل السلطة والقوة والإنجازات، أما في وقت متأخر من الليل يهمين التفكير الوجودي أو العاطفي، إذ عند الساعة 3:00 صباحًا تكون المشاعر الإيجابية في أدنى مستوياتها، وتصل موضوعات مثل الموت والدين إلى ذروتها.
ويقول مايكل مايسي “النتائج قادرة على إخبارنا بالكثير حول القواعد اليومية لحالاتنا الذهنية”، ولكن القدرة على فهم أفكار الناس ومشاعرهم تعتبر سلاحًا ذو حدين، إذ يمكن استخدامها لإدارة المزاج والمساعدة في تحسين الإنتاجية أو يمكن استخدام تقنيات القياس النفسي من قبل أصحاب العمل لفحص المتقدمين للوظائف المصممة لأنواع معينة من الشخصيات.