القائمة الرئيسية

التعلم المستند إلى الدماغ

199

ما هو نموذج التعلم المستند إلى الدماغ ؟

للإجابة على هذا السؤال نورد بداية الحقائق التي توصل لها علماء علم الأعصاب وذات العلاقة بالتعلم :

  1. يعتقد علماء الأعصاب أن الدراسة المباشرة للدماغ هي الطريق الوحيد لفهم أسباب السلوك. فهم متجاوزون للتفسير السلوكي الذي يذهب إلى أن السلوك نتاج عوامل بيئية خارجية فقط ( مثيرات, معززات ). ومتجاوزون للنظريات المعرفية القائمة على افتراضات نظرية للعمليات المعرفية ( انتباه, إدراك, معالجة, تذكر,… الخ ). على أمل تحديد الجذور النيورولوجيه لتلك العمليات بإعتبارها الوظائف العقلية للدماغ.
  2. الجهاز العصبي هو القاعدة الفيزيقية لعملية التعلم الإنساني. فالدماغ ليس حاسوباً. إنه جهاز ذاتي التنظيم, يدرس تركيباً ووظيفة بتقنيات لم تكن متوفرة من قبل.
  3. الدماغ يتغير عبر دورة الحياة وفقاً لما يتعرض له الفرد من خبرات. فكلما أتيحت الفرصة للدماغ لممارسة وظائفه العقلية كما غيرنا في تركيبه وطورنا أنماطاً مختلفة من الترابطات يسهل تكرارها.
  4. الخلية العصبية تتعلم, الدماغ قادر على صنع شبكات عصبية تبعاً لتعقيد التعلم بما يؤثر على قدرة الدماغ على التكيف مع البيئة. إن الشبكات التي تعزز من خلال إعادة تشغيلها تبقى وتتقوى في حين أن الشبكات التي لا يتكرر تشغيلها تضمحل. وعليه فإن الخبرات التي يمر بها الطفل في عامه الأول كفيلة بتكوين شبكات عصبية تجعل دماغه يقترب من الحالة التي يصل إليها في سن الرشد. ( Chugani , 1998) وللمزيد راجع بحثه المشار إليه في الموقع ( npin.org ).
  5. الوصلات بين الخلايا العصبية التي تعرف باسم الشجيرات Synapsis تشكل ممرات عصبية أو خرائط التعلم Learning Maps. معظم هذه الممرات العصبية تتواجد بنهاية السنة الثالثة من العمر.
  1. للخبرات الحسية في السنوات المبكرة من عمر الطفل تأثير كبير في تطور الدماغ ومن ثم في السلوك والتعلم. Hast & Risley , 1995) ) وللمزيد راجع بحثهما المشار إليه في الموقع ( npin.org ).
  2. إن طبيعة التعلق بين الرضيع ومن حوله تؤثر في تطور دماغه. فالعلاقات المضطربة داخل الأسرة تدفع بدماغ الطفل إلى استهلاك كمية أكبر من الجلوكوز لمواجهة الضغوط النفسية بدلاً من استخدامه في الأنشطة المعرفية. وأن تكرار التعرض لتلك الضغوط يدفع بالدماغ إلى أن يطور مواقع مستقبلات الاستثارة لبعض المواد الكيميائية, وهذه المواقع ترتبط بالاندفاعية والعدوانية. ( Robenstein ,1998) و ( Kotulak , 1996) وللمزيد راجع بحثهما المشار إليه في الموقع ( npin.org ).
  3. يُولّد الأطفال بكثافة أقل للشجيرات مقارنة مما سيكون عليه الحال في مرحلة الرشد. بعد شهور من الميلاد يتسارع تكون هذه الشجيرات ليصل إلى %50 أكثر من الراشد وذلك في سن أربع سنوات. ويلاحظ أن توقيت هذه العملية يختلف في الدماغ من منطقة إلى أخرى. فمثلاً تنامي عدد الشجيرات في منطقة الأبصار تسير بسرعة ابتداءً من الشهر الثاني وتتضاعف سرعتها في العمر من ( 10 – 8 ) شهور ثم تنخفض في سن عشر سنوات. مناطق الدماغ الخاصة بالانتباه والذاكرة قصيرة المدى, والتخطيط والكائنة في القشرة الدماغية تبدأ فيها هذه العلمية متأخرة.
  4. مناطق الدماغ تتطور في خطوات متتالية يمكن التنبؤ بها وبنتائجها بما يمكن من تحديد الوقت الأنسب لتعلم المهارات الحركية ( من الميلاد إلى سن أربع سنوات ), ومهارات الحركات الدقيقة ( ما بين الثالثة والتاسعة ), والموسيقى من السادسة إلى التاسعة. وللمزيد راجع البحث المنشور في الموقع ( Fes.tam.edu).
  5. حدد علماء الأعصاب الشبكة العصبية Neural net التي تعمل أبان التعلم بالتقليد Im-itation والشبكة الخاصة بتمييز الذات عن الآخر أبان عملية التعاطف Empathy. حيث وجدوا أن الشبكة الأولى تقع في منطقة التلفيفة الصدغية العليا Superior Temporal Gyrus, والثانية في القشرة السفلى اليمنى في النصفين الكرويين. ومن المعتقد أن هذه المنطقة تلعب دوراً في عملية العزو.
  6. القشرة الجديدة Neocortex تنشط أثناء عملية التعلم خاصة مع الأشكال العليا من التعلم.
  7. تطور الفص الأمامي Frontal lope فيما بين (14-10 سنة ), حيث يمكن للطفل إتمام عمليات حل المشكلات والتفكير الناقد والتنظيم.
  8. الدماغ قادر بالفطرة على: استكشاف الأنماط, التذكر, إعادة التنظيم الذاتي, التعلم, تحليل البيانات, التأمل الذاتي، الإبداع, والابتكار.
  9. من مبادئ الدماغ ذات العلاقة بالتعلم نذكر:
  • يتضمن التعلم كلاً من الانتباه المركز والإدراك الطرفي.
  • يتضمن التعلم عمليات واعية وعمليات غير واعية.
  • يدعم التعلم المعقد بالتحدي ويكف بالتهديد.
  • التعلم فطري.
  • لدينا على الأقل طريقتان لتنظيم الذاكرة المكانية, ولدينا مجموعة أنظمة للتعلم.
  • التعلم يشغل الأجهزة الفسيولوجية كلها.

إن نعرفه من حقائق الدماغ تركيباً ووظيفة غيض من فيض. وما يهمنا هنا هو تلك الحقائق ذات العلاقة بالنمو والتعلم. وإن هذ المعلومات التي نعرفها قابلة للتعديل والتطوير في ضوء نواتج الأبحاث الجديدة في مجال الدماغ. وعليه فإن الاختصاصيين في علوم النفس والتربية بحاجة ماسة لمتابعة أبحاث الدماغ وتعديل أدواتهم التربوية والتعليمية والعلاجية والإرشادية وفقاً لما يكشف عنه علماء علم الأعصاب.

فالتعلم المستند إلى الدماغ نظرية في التعلم تستند على الدماغ تركيباً ووظيفة. إن هذا التعلم سيظل مستمراً طالما لم يمنع الدماغ من أداء عملياته الطبيعية لأي سبب من الأسباب.

غالباً ما يقال أن كل فرد قادر على التعلم ولكن الأصح أن نقول أن كل فرد يمارس عملية التعلم, نظراً لأن كل فرد يولد بدماغ يتعلم بالفطرة. إن التعليم التقليدي غالباً ما يقمع التعلم بعدم تشجيعه أو تجاهله, أو معاقبته لعمليات التعلم الطبيعية للدماغ.

ثمة ثلاث تكنيكات تعليمية ترتبط بالتعلم المستند إلى الدماغ هي:

  1. الغمر Orchestrated Immersion: تخليق بيئات التعلم التي تعمل على غمر الطلبة في الخبرة التربوية.
  2. الاسترخاء Relaxes Alertnes: محاولة إزالة الخوف لدى المتعلمين أثناء مجابهتهم للتحديات القوية الصادرة عن البيئة.
  3. المعالجة النشطة Active Processing: السماح للمتعلم بتذوق وتمتين المعلومات بالمعالجة النشطة لها.

في المجال التربوي, يمكن لهذا النموذج التعليمي اقتراح ما يلي:

  1. في مجال المنهاج, يجب على المعلمين تصميم تعلم يتمركز حول اهتمامات الطالب, وجعل التعلم ضمن سياق Contextual.
  2. في مجال التعليم, على المعلمين أن يَدَعُوا الطلبة يتعلمون في فريق, ويستخدمون التعلم الشمولي ( التعاوني ) Peripheral Learning. كما أن على المعلمين أن يديروا التعلم حول مشكلات حقيقية, ويشجعون الطلبة على التعلم من خلال جلسات خارج الغرفة الصفية وخارج البناء المدرسي.
  3. في مجال التقييم, حيث أن جميع الطلبة يتعلمون, فإن تقييمهم يجب أن يسمح لهم لفهم أساليب تعلمهم وتفضيلاتهم، مما يتيح لهم مراقبة وتطوير عمليات تعلمهم وللمزيد حول التقييم راجع الموقع التي (www.Fundastanding.com ).

نكتفي بهذا القدر من الحديث عن نموذج التعلم المستند إلى الدماغ والتي نأمل أن تثير لدى المبتدئين في علم النفس الفضول والرغبة في متابعة ما يستجد في هذا المجال.

المصدر edutrapedia